حضارة وادي الرافدين بين الساميين و السومريين
أن حضارة وادي الرافدين حضارة سامية مائة بالمائة منبعها البشري جزيرة العرب ترجع إلى ما قبل تسعة ألاف سنة قبل الميلاد، أما السومريون فقد ظهروا بعد ذلك بدليل قيام قراهم فوق بقايا حضارة العبيد وهي حضارة سامية توجد أثارها في كل من سورية و الخليج العربي و شرقي جزيرة العرب لذلك إن البحث في حضارة وادي الرافدين و تطورها عبر العصور لا يمكن فصله عن تاريخ الشرق الأدنى القديم الذي يضم سوريا بما فيها لبنان وفلسطين و الأردن كما يضم جزيرة العرب والخليج العربي.
لقد مرت حضارة وادي الرافدين بأربع مراحل هي كما يلي:-
أ- المرحلة الأولى: حضارة الساميين العرب في جزيرة العرب.
ب- المرحلة الثانية: حضارة الساميين الغربيين العرب في شمال وادي الرافدين (سورية و فلسطين).
ج- المرحلة الثالثة: حضارة الساميين العرب في جنوب وادي الرافدين (العراق).
د- المرحلة الرابعة: الحضارة السامية السومرية.
أن ظهور الزراعة الاصطناعية بعد إسهاما مهما في تقدم الحضارة البشرية لان الإنسان القديم استطاع بدافع الغريزة أن يكتشف أول مرة البذور البرية في الطبيعة و يعيد زراعتها و يتعهدها بالرعاية بتامين اروائها ونقل المياه إليها حتى أنبتت نباتا حسنا يختلف عن الثمر البري، ومن هنا تغيرت نظرة الإنسان القديم للطبيعة فصار يزرع كميات تزيد عن حاجته ثم صار يخزن الغلة ويحافظ عليها باعتبارها مصدر ثروة ، واخذ يتاجر بالفائض منها بطريقة المقايضة و الاضطلاع بمهمة نقل البضائع التجارية من مكان إلى أخر، لقد أدى ارتباط الإنسان بمزرعته وحيواناته إلى البقاء في بقعة معينة من الأرض بنى فيها بيته فظهرت بذلك نواة المستوطنات البشرية الأولى في تاريخ الإنسان.
في المرحلة الثالثة من حضارة وادي الرافدين انتقل ثقل الحضارة الاستيطانية من الشمال إلى الجنوب وتمركز في جنوب وادي الرافدين جاعلا منطقة كيش المدينة السامية الأم مركزا لتجمع النشاط السامي من الشمال في سورية ومن الجنوب في الخليج العربي، وكان سبب هذا التحرك تكاثر عدد السكان وانتشار الزراعة التي تعتمد على الري ولقد حدد زمن هذا التحرك في حدود العصر الحجري المعدني الوسيط والأخير (5000-3500 ق.م).
أهمية مدينة كيش:-
أ- تحول مركز ثقل الحضارة من أقصى الجنوب في الخليج العربي إلى المنطقة التي تعلوه قليلا إلى الشمال والدور الذي لعبه عصر مسيلم ملك كيش السامي في هذا التحول.
ب- تعتبر مدينة كيش عاصمة الملك مسيلم الأم القديمة لمدينة بابل المشهورة عاصمة الحقبة الكلاسيكية والتي انطلقت منها منذ ذلك الحين موجة عم بها العنصر السامي المنطقة.
ج- تعد مدينة كيش من أقدم المدن التي ازدهرت في جنوب العراق ليس ذلك حسب بل قبضت على زمام الأمور في جميع البلاد أكثر من أية مدينة أخرى.
لقد كثرت الهجرات إلى وادي الرافدين وليس إلى وادي النيل للأسباب التالية:-
أ- منطقة وادي الرافدين مكشوفة من كل أطرافها وتتصل بالبادية مباشرة بينما كانت حدود وادي النيل محصنة تحصينا طبيعياً تمنع كثرة الهجرات بسهولة.
ب- كانت الهجرة إلى وادي الرافدين تستهدف الوصول إلى هذا السهل ذي الأراضي الخصبة والمياه الغرينية الدائمة مستبدلين بذلك صحاراهم القاحلة أراضي غرينية خصبة في جنوب وادي الرافدين.
ج- إن الذين توجهوا نحو جنوب وادي الرافدين كانوا مزودين بحضارة نهرية اكتسبوها في وطنهم الأصلي في جزيرة العرب في الدورة الجليدية الرابعة وكانت البلاد تتمتع بمناخ رطب تسوده الأمطار الدائمة وتكثر فيها الأنهار الجارية مما ساعد على تكوين أقدم حضارة نهرية أدت إلى اكتشاف العرب لأول مرة طريقة الزراعة التي تعتمد على الري.
إن الساميين العرب أصبحوا منتشرين في شمال وادي الرافدين وفي جنوبه بما فيه الخليج العربي فحضارتهم وثقافتهم واحدة في المناطق الثلاثة هي الحضارة السامية العربية لان الاتصال بينها كان ميسور لعدم وجود حاجز طبيعي يفصل بينها والمهم إن هذه الحضارة تواجدت في عصر واحد قبل اكتشاف التدوين والكتابة لأنها تقع في العصر الحجري المعدني (6500-3500 ق.م) وهذه الحقبة الحضارية بقسميها الشمالي والجنوبي تكون حضارة وادي الرافدين الأساسية قبل التعرف على ما يسمى بالحضارة السومرية في جنوب وادي الرافدين بألفي سنة على اقل تقدير وقبل ظهور عصر الكتابة والتدوين , وهي حضارة سامية عربية منبعها جزيرة العرب.
أهم المواقع الاثرية التي ظهرت للوجود في جنوبي وادي الرافدين في المرحلة الثالثة موضع حسونة وسامراء وخفاجي وتل اسمر على نهر دجلة (6000-5000 ق.م)والعبيد و اريدو (5000-3800 ق.م) و الوركاء (3800-3200 ق.م) و جمدة نصر على نهر الفرات (3200-3000 ق.م) عدا كيش المدينة السامية الأم عاصمة الملك مسيلم (نهاية عصور ما قبل الإسلام).
لقد تميز عصر فجر السلالات بازدهار العمران واتساع مراكزه ممثلا بكثرة وعظمة المدن وازدهار الزراعة واتساع التجارة الخارجية ويرجع الفضل في هذا الازدهار إلى تعاون الساميين من جهة و السومريين الذين ظهروا على مسرح الأحداث من جهة أخرى . فتضافرت جهودهما في سبيل تقدم وتطور الحضارة السامية السومرية وبهذا فانه لا توجد حضارة سومرية خالصة بل تواجدت حضارة سامية سومرية ونتيجة لمشاركة العنصر السامي و السومري برزت سلالات أهمها سلالتان الأولى سلالة كيش الأولى ويتمثل فيها العنصر السامي والثانية سلالة أوروك الأولى ويتمثل فيها العنصر السومري.
لقد برز من عصر فجر السلالات اكتشافان مهمان في تاريخ العراق القديم هما:
أ- اكتشاف ملحمة جلجامش المشهورة وهو خامس ملوك سلالة أوروك.
ب- اكتشاف المقبرة الملكية في أور.
عاش الساميين و السومريين جنبا إلى جنب بسلام تسوده روح المودة والتآلف فتعاونا معا في جميع المجالات الفكرية والاجتماعية والسياسية لصنع حضارة مشتركة في سو مر وأكد وذلك خلافا لما كان ينسبه الباحثون من صراع واحتدام بينهما فاخذ كل منهما الشيء الكثير من الأخر واسهم في صنع هذه الحضارة على الأراضي الرسوبية من جنوبي العراق المعروفة ب(دلتا الرافدين) دجلة والفرات.
ولما كان الشعبان قد مارسا أعمال الزراعة فتمكنا من تأسيس أقدم و أرقى حضارة نهرية معروفة في وادي الرافدين , مع أن الشعب السومري كون ثقافة خاصة به ضمن حدود المنطقة التي تواجد فيها (منطقة الأهوار) ثم انقرضت ثقافته , في حين أن الشعب الاكدي السامي الذي كانت له أقدم و أعمق جذور في المنطقة استطاع بتفوقه على السومريين أن يوحد البلاد تحت سيطرته و يكون أول إمبراطورية في ذلك الزمان , يتميز هذا الاختلاط بين الشعبين بأنه تم بلا قتال و لا غزو حتى إذا ما شعر الشعب السامي بتفوقه اخذ يركن إلى استعمال القوى لفرض سيطرته على البلاد لتوحيد الشعبين السامي و السومري فعلياً بعد أن كانت الوحدة بينهما اسميا في العرف و التقليد .
من المؤكد أن الساميين قد نزلوا البلاد قبل أن يكون هناك إمبراطورية أكدية أصلا , و من المؤكد أيضا انه لم يقفوا منذ قرون ضد السومرية فحسب بل تصاهروا مع السومريين واختلطوا معهم و تعاونوا معا في جميع المجالات الفكرية بعد أن تفوقوا على السومريين منذ قرون عديدة كما حدث في ماري و كيش و من الأدلة على ذلك بعض المنحوتات من مدينة ماري و التي تحمل كتابة سامية أقدم من عصر سلالة أور الأولى ناهيك عن حضارة مسيلم الذي يشكل الفصل الأخير لعصر فجر التاريخ .
هذا و إذا رجعنا إلى الناحية الدينية التي كان لها التأثير الكبير في حياة المجتمع نجد أن سومر و اكد كانتا تعتبران في العرف الديني لدى مجمع الآلهة بلادا واحدة , فلا يتم تسلم ملوكية
سومر و أكد إلا بقرار من مجمع الآلهة السومري الاكدي , كذلك كانت بعض الآلهة تحمل اسما واحدا في أكد و في سومر وهذا ما يدل على انه يمثل بلدا واحدا مثل الآلهة أنليل . وتدل المعلومات المستقاة من النصوص السومرية على أن آلهة سومرية كانت تعبد من قبل الساميين مثل الآلهة ننخرساج (الآلهة الأم) و بالعكس مثل الآلهة شماش (اله الشمس السامي) .
إن بعض مآخذ الري التي كان السومريون في الجنوب يستقون منها مياه الشرب و ري المزارع كانت تقع في المنطقة السامية الشمالية. الأمر الذي كان يوجب الاتصال المستمر بين الجانبين , حيث تقضي صيانة هذه المآخذ و مراقبتها بوصول الزرّاع السومريين إلى مواقع هذه المآخذ في المنطقة السامية ومثال ذلك جدول "أي-تو- ر ونكال" الذي كان يأخذ مياهه من نهر الفرات في المنطقة السامية و يمتد جنوبا أكثر من (130كم) حتى يصل المدن السومرية أبرزها أدب و أومة و لجش و لارسة و التي كانت من أهم المدن السومرية و هذا ما يؤكد احتكاك السومريين بالساميين. و من المهم ذكره في هذا الصدد أن ملاحة نهر الفرات و جداول الري لعبت دورا مهما في دعم الاتصال المستمر بين السومريين والساميين , فكانت السفن تسير في نهر الفرات مارة بالمستوطنات السامية على طول ضفاف نهر الفرات في طريقها إلى بلاد سومر و هي تنقل بالعسابى من هيت القار الذي كان السومريون يحتاجون إليه في بناء منشآت الري في مشاريعهم الزراعية. اللغة التي كانت مستعملة في كيش السامية كانت اللغة الأكدية السامية و اللغة السومرية في آن و احد حيث استعمل كلا اللغتين جنبا إلى جنب في معظم النصوص المهمة.
إن معرفتنا بالساميين و السومرين كانت أولا بالاكدية باسم ملك سومر و أكد (Sumeri Akkadi) يقابلها باللغة السومرية (Kin-en-ge) ظهر ذلك لأول مرة في كتابة تعود إلى ملك الوركاء اينساكوسانا حوالي سنة (2450 ق.م). و كان يطلق اسم (Kin-en-ge) على المنطقة المختصة بمدينة نفر و لكن بعدها أطلق على القسم الجنوبي منها اسم "رجل من سومر".
لقد تأكد لنا بان الساميين هم الذين اكتشفوا الخط المسماري واستعملوه بنطاق واسع في كل البلاد التي سيطروا عليها مما يدل على اعتزازهم به بصفته نتاج حضارتهم. و من الدلائل التي تثبت صحة هذا القول هو أن أقدم نموذج للكتابة التصويرية يرجع إلى سنة (4000 ق.م). قبل ظهور السومريين إلى عالم الوجود وكان من الحجر المايكروليتيك الذي وجد لأول مرة في كيش و هذه الصناعة انفردت بها المنطقة الشمالية من وادي الرافدين و لم يعثر على اثرٍ لها في الجنوب أي في منطقة أور السومرية , مما يدل على أن وجود مثل هذه الأدوات في كيش يمثل صلة من مراحل نزوح سكان صحراء سورية (بادية الشام) في عصور ما قبل التاريخ من الشمال إلى الجنوب اثر جدب تلك المنطقة , و يبدو أن كيش تمثل أقصى الحدود الجنوبية للنازحين الساميين في نلك الأزمان. هذا مع العلم أن الأدوات المصنوعة من حجر المايكروليتيك يرجع إلى العصر الحجري الوسيط (الميسوليتيك) الذي يرجع إلى ما بعد العصر الجليدي الرابع. فضلا عن عدم امتلاكنا لأي دليل تاريخي ينص على أن السومريين هم الذين اكتشفوا الخط المسماري.
لقد وجد في كيش السامية قبور قديمة العهد بعضها يرجع إلى عصر فجر السلالات الثاني و عثر في بعضها على أجزاء من عربات و آثار أخرى لا تضاهي آثار مقبرة أور من حيث نفاستها مما يؤكد على أن الساميين هم الذين اخترعوا العجلة وليس السومريون فضلا عن أن أقدم نماذج العجلة عثر عليها في كيش السامية و ليس في سومر , مع العلم أن أقدم عجلة عثر عليها في تل أجرب من منطقة ديالى يرقى زمنها إلى عصر فجر السلالات.
أن حضارة وادي الرافدين حضارة سامية مائة بالمائة منبعها البشري جزيرة العرب ترجع إلى ما قبل تسعة ألاف سنة قبل الميلاد، أما السومريون فقد ظهروا بعد ذلك بدليل قيام قراهم فوق بقايا حضارة العبيد وهي حضارة سامية توجد أثارها في كل من سورية و الخليج العربي و شرقي جزيرة العرب لذلك إن البحث في حضارة وادي الرافدين و تطورها عبر العصور لا يمكن فصله عن تاريخ الشرق الأدنى القديم الذي يضم سوريا بما فيها لبنان وفلسطين و الأردن كما يضم جزيرة العرب والخليج العربي.
لقد مرت حضارة وادي الرافدين بأربع مراحل هي كما يلي:-
أ- المرحلة الأولى: حضارة الساميين العرب في جزيرة العرب.
ب- المرحلة الثانية: حضارة الساميين الغربيين العرب في شمال وادي الرافدين (سورية و فلسطين).
ج- المرحلة الثالثة: حضارة الساميين العرب في جنوب وادي الرافدين (العراق).
د- المرحلة الرابعة: الحضارة السامية السومرية.
أن ظهور الزراعة الاصطناعية بعد إسهاما مهما في تقدم الحضارة البشرية لان الإنسان القديم استطاع بدافع الغريزة أن يكتشف أول مرة البذور البرية في الطبيعة و يعيد زراعتها و يتعهدها بالرعاية بتامين اروائها ونقل المياه إليها حتى أنبتت نباتا حسنا يختلف عن الثمر البري، ومن هنا تغيرت نظرة الإنسان القديم للطبيعة فصار يزرع كميات تزيد عن حاجته ثم صار يخزن الغلة ويحافظ عليها باعتبارها مصدر ثروة ، واخذ يتاجر بالفائض منها بطريقة المقايضة و الاضطلاع بمهمة نقل البضائع التجارية من مكان إلى أخر، لقد أدى ارتباط الإنسان بمزرعته وحيواناته إلى البقاء في بقعة معينة من الأرض بنى فيها بيته فظهرت بذلك نواة المستوطنات البشرية الأولى في تاريخ الإنسان.
في المرحلة الثالثة من حضارة وادي الرافدين انتقل ثقل الحضارة الاستيطانية من الشمال إلى الجنوب وتمركز في جنوب وادي الرافدين جاعلا منطقة كيش المدينة السامية الأم مركزا لتجمع النشاط السامي من الشمال في سورية ومن الجنوب في الخليج العربي، وكان سبب هذا التحرك تكاثر عدد السكان وانتشار الزراعة التي تعتمد على الري ولقد حدد زمن هذا التحرك في حدود العصر الحجري المعدني الوسيط والأخير (5000-3500 ق.م).
أهمية مدينة كيش:-
أ- تحول مركز ثقل الحضارة من أقصى الجنوب في الخليج العربي إلى المنطقة التي تعلوه قليلا إلى الشمال والدور الذي لعبه عصر مسيلم ملك كيش السامي في هذا التحول.
ب- تعتبر مدينة كيش عاصمة الملك مسيلم الأم القديمة لمدينة بابل المشهورة عاصمة الحقبة الكلاسيكية والتي انطلقت منها منذ ذلك الحين موجة عم بها العنصر السامي المنطقة.
ج- تعد مدينة كيش من أقدم المدن التي ازدهرت في جنوب العراق ليس ذلك حسب بل قبضت على زمام الأمور في جميع البلاد أكثر من أية مدينة أخرى.
لقد كثرت الهجرات إلى وادي الرافدين وليس إلى وادي النيل للأسباب التالية:-
أ- منطقة وادي الرافدين مكشوفة من كل أطرافها وتتصل بالبادية مباشرة بينما كانت حدود وادي النيل محصنة تحصينا طبيعياً تمنع كثرة الهجرات بسهولة.
ب- كانت الهجرة إلى وادي الرافدين تستهدف الوصول إلى هذا السهل ذي الأراضي الخصبة والمياه الغرينية الدائمة مستبدلين بذلك صحاراهم القاحلة أراضي غرينية خصبة في جنوب وادي الرافدين.
ج- إن الذين توجهوا نحو جنوب وادي الرافدين كانوا مزودين بحضارة نهرية اكتسبوها في وطنهم الأصلي في جزيرة العرب في الدورة الجليدية الرابعة وكانت البلاد تتمتع بمناخ رطب تسوده الأمطار الدائمة وتكثر فيها الأنهار الجارية مما ساعد على تكوين أقدم حضارة نهرية أدت إلى اكتشاف العرب لأول مرة طريقة الزراعة التي تعتمد على الري.
إن الساميين العرب أصبحوا منتشرين في شمال وادي الرافدين وفي جنوبه بما فيه الخليج العربي فحضارتهم وثقافتهم واحدة في المناطق الثلاثة هي الحضارة السامية العربية لان الاتصال بينها كان ميسور لعدم وجود حاجز طبيعي يفصل بينها والمهم إن هذه الحضارة تواجدت في عصر واحد قبل اكتشاف التدوين والكتابة لأنها تقع في العصر الحجري المعدني (6500-3500 ق.م) وهذه الحقبة الحضارية بقسميها الشمالي والجنوبي تكون حضارة وادي الرافدين الأساسية قبل التعرف على ما يسمى بالحضارة السومرية في جنوب وادي الرافدين بألفي سنة على اقل تقدير وقبل ظهور عصر الكتابة والتدوين , وهي حضارة سامية عربية منبعها جزيرة العرب.
أهم المواقع الاثرية التي ظهرت للوجود في جنوبي وادي الرافدين في المرحلة الثالثة موضع حسونة وسامراء وخفاجي وتل اسمر على نهر دجلة (6000-5000 ق.م)والعبيد و اريدو (5000-3800 ق.م) و الوركاء (3800-3200 ق.م) و جمدة نصر على نهر الفرات (3200-3000 ق.م) عدا كيش المدينة السامية الأم عاصمة الملك مسيلم (نهاية عصور ما قبل الإسلام).
لقد تميز عصر فجر السلالات بازدهار العمران واتساع مراكزه ممثلا بكثرة وعظمة المدن وازدهار الزراعة واتساع التجارة الخارجية ويرجع الفضل في هذا الازدهار إلى تعاون الساميين من جهة و السومريين الذين ظهروا على مسرح الأحداث من جهة أخرى . فتضافرت جهودهما في سبيل تقدم وتطور الحضارة السامية السومرية وبهذا فانه لا توجد حضارة سومرية خالصة بل تواجدت حضارة سامية سومرية ونتيجة لمشاركة العنصر السامي و السومري برزت سلالات أهمها سلالتان الأولى سلالة كيش الأولى ويتمثل فيها العنصر السامي والثانية سلالة أوروك الأولى ويتمثل فيها العنصر السومري.
لقد برز من عصر فجر السلالات اكتشافان مهمان في تاريخ العراق القديم هما:
أ- اكتشاف ملحمة جلجامش المشهورة وهو خامس ملوك سلالة أوروك.
ب- اكتشاف المقبرة الملكية في أور.
عاش الساميين و السومريين جنبا إلى جنب بسلام تسوده روح المودة والتآلف فتعاونا معا في جميع المجالات الفكرية والاجتماعية والسياسية لصنع حضارة مشتركة في سو مر وأكد وذلك خلافا لما كان ينسبه الباحثون من صراع واحتدام بينهما فاخذ كل منهما الشيء الكثير من الأخر واسهم في صنع هذه الحضارة على الأراضي الرسوبية من جنوبي العراق المعروفة ب(دلتا الرافدين) دجلة والفرات.
ولما كان الشعبان قد مارسا أعمال الزراعة فتمكنا من تأسيس أقدم و أرقى حضارة نهرية معروفة في وادي الرافدين , مع أن الشعب السومري كون ثقافة خاصة به ضمن حدود المنطقة التي تواجد فيها (منطقة الأهوار) ثم انقرضت ثقافته , في حين أن الشعب الاكدي السامي الذي كانت له أقدم و أعمق جذور في المنطقة استطاع بتفوقه على السومريين أن يوحد البلاد تحت سيطرته و يكون أول إمبراطورية في ذلك الزمان , يتميز هذا الاختلاط بين الشعبين بأنه تم بلا قتال و لا غزو حتى إذا ما شعر الشعب السامي بتفوقه اخذ يركن إلى استعمال القوى لفرض سيطرته على البلاد لتوحيد الشعبين السامي و السومري فعلياً بعد أن كانت الوحدة بينهما اسميا في العرف و التقليد .
من المؤكد أن الساميين قد نزلوا البلاد قبل أن يكون هناك إمبراطورية أكدية أصلا , و من المؤكد أيضا انه لم يقفوا منذ قرون ضد السومرية فحسب بل تصاهروا مع السومريين واختلطوا معهم و تعاونوا معا في جميع المجالات الفكرية بعد أن تفوقوا على السومريين منذ قرون عديدة كما حدث في ماري و كيش و من الأدلة على ذلك بعض المنحوتات من مدينة ماري و التي تحمل كتابة سامية أقدم من عصر سلالة أور الأولى ناهيك عن حضارة مسيلم الذي يشكل الفصل الأخير لعصر فجر التاريخ .
هذا و إذا رجعنا إلى الناحية الدينية التي كان لها التأثير الكبير في حياة المجتمع نجد أن سومر و اكد كانتا تعتبران في العرف الديني لدى مجمع الآلهة بلادا واحدة , فلا يتم تسلم ملوكية
سومر و أكد إلا بقرار من مجمع الآلهة السومري الاكدي , كذلك كانت بعض الآلهة تحمل اسما واحدا في أكد و في سومر وهذا ما يدل على انه يمثل بلدا واحدا مثل الآلهة أنليل . وتدل المعلومات المستقاة من النصوص السومرية على أن آلهة سومرية كانت تعبد من قبل الساميين مثل الآلهة ننخرساج (الآلهة الأم) و بالعكس مثل الآلهة شماش (اله الشمس السامي) .
إن بعض مآخذ الري التي كان السومريون في الجنوب يستقون منها مياه الشرب و ري المزارع كانت تقع في المنطقة السامية الشمالية. الأمر الذي كان يوجب الاتصال المستمر بين الجانبين , حيث تقضي صيانة هذه المآخذ و مراقبتها بوصول الزرّاع السومريين إلى مواقع هذه المآخذ في المنطقة السامية ومثال ذلك جدول "أي-تو- ر ونكال" الذي كان يأخذ مياهه من نهر الفرات في المنطقة السامية و يمتد جنوبا أكثر من (130كم) حتى يصل المدن السومرية أبرزها أدب و أومة و لجش و لارسة و التي كانت من أهم المدن السومرية و هذا ما يؤكد احتكاك السومريين بالساميين. و من المهم ذكره في هذا الصدد أن ملاحة نهر الفرات و جداول الري لعبت دورا مهما في دعم الاتصال المستمر بين السومريين والساميين , فكانت السفن تسير في نهر الفرات مارة بالمستوطنات السامية على طول ضفاف نهر الفرات في طريقها إلى بلاد سومر و هي تنقل بالعسابى من هيت القار الذي كان السومريون يحتاجون إليه في بناء منشآت الري في مشاريعهم الزراعية. اللغة التي كانت مستعملة في كيش السامية كانت اللغة الأكدية السامية و اللغة السومرية في آن و احد حيث استعمل كلا اللغتين جنبا إلى جنب في معظم النصوص المهمة.
إن معرفتنا بالساميين و السومرين كانت أولا بالاكدية باسم ملك سومر و أكد (Sumeri Akkadi) يقابلها باللغة السومرية (Kin-en-ge) ظهر ذلك لأول مرة في كتابة تعود إلى ملك الوركاء اينساكوسانا حوالي سنة (2450 ق.م). و كان يطلق اسم (Kin-en-ge) على المنطقة المختصة بمدينة نفر و لكن بعدها أطلق على القسم الجنوبي منها اسم "رجل من سومر".
لقد تأكد لنا بان الساميين هم الذين اكتشفوا الخط المسماري واستعملوه بنطاق واسع في كل البلاد التي سيطروا عليها مما يدل على اعتزازهم به بصفته نتاج حضارتهم. و من الدلائل التي تثبت صحة هذا القول هو أن أقدم نموذج للكتابة التصويرية يرجع إلى سنة (4000 ق.م). قبل ظهور السومريين إلى عالم الوجود وكان من الحجر المايكروليتيك الذي وجد لأول مرة في كيش و هذه الصناعة انفردت بها المنطقة الشمالية من وادي الرافدين و لم يعثر على اثرٍ لها في الجنوب أي في منطقة أور السومرية , مما يدل على أن وجود مثل هذه الأدوات في كيش يمثل صلة من مراحل نزوح سكان صحراء سورية (بادية الشام) في عصور ما قبل التاريخ من الشمال إلى الجنوب اثر جدب تلك المنطقة , و يبدو أن كيش تمثل أقصى الحدود الجنوبية للنازحين الساميين في نلك الأزمان. هذا مع العلم أن الأدوات المصنوعة من حجر المايكروليتيك يرجع إلى العصر الحجري الوسيط (الميسوليتيك) الذي يرجع إلى ما بعد العصر الجليدي الرابع. فضلا عن عدم امتلاكنا لأي دليل تاريخي ينص على أن السومريين هم الذين اكتشفوا الخط المسماري.
لقد وجد في كيش السامية قبور قديمة العهد بعضها يرجع إلى عصر فجر السلالات الثاني و عثر في بعضها على أجزاء من عربات و آثار أخرى لا تضاهي آثار مقبرة أور من حيث نفاستها مما يؤكد على أن الساميين هم الذين اخترعوا العجلة وليس السومريون فضلا عن أن أقدم نماذج العجلة عثر عليها في كيش السامية و ليس في سومر , مع العلم أن أقدم عجلة عثر عليها في تل أجرب من منطقة ديالى يرقى زمنها إلى عصر فجر السلالات.
الثلاثاء 19 يوليو 2022 - 1:05 من طرف Azmar
» تحميل ملحمة كلكامش كاملة
السبت 10 ديسمبر 2011 - 20:21 من طرف selma24
» تحميل كتاب موسوعة حضارة العالم
الخميس 1 ديسمبر 2011 - 2:33 من طرف رعد الهلالي
» تحميل كتاب عشائر العراق الجزء الثاني
السبت 27 أغسطس 2011 - 4:41 من طرف قاسم الجابري
» فرنسية تتزوج رجلاً ميتاً
الجمعة 22 أبريل 2011 - 9:25 من طرف محمد البابلي
» فيلم الأسبوع: نهاية الكون في "2012" .. وكالعادة أمريكا هي المنقذ
الجمعة 22 أبريل 2011 - 9:09 من طرف محمد البابلي
» عراقي يحصل على براءة اختراع تطويرادوية الرئة المستنشقة
الجمعة 22 أبريل 2011 - 8:51 من طرف محمد البابلي
» سرق شاحنة من موقف سيارات ليكتشف أن بداخلها أسد
الجمعة 22 أبريل 2011 - 8:42 من طرف محمد البابلي
» كان يعشق كرة القدم ..عائلة سوري تنفذ وصية ابنها بعد موته بكتابة اسم مدرب السامبا على قبرة
الجمعة 22 أبريل 2011 - 8:26 من طرف محمد البابلي
» هيفاء وهبي .. اكيد نزير شؤم
الجمعة 22 أبريل 2011 - 8:14 من طرف محمد البابلي